تعاني المجتمعات العربية من ضعف «ثقافة الحوار»، وتفتقد أسس تبادل الحديث بشكل هادئ وموضوعي، وتعاني من التشنج في الرأي، فضلاً عن التعصب والانحياز له والمدافعة عنه وإن كان خاطئ، وهذا ما فاقم المشكلات وأدى إلى تصدع وضعف العلاقات في المجتمعات العربية، وأصبح الأشخاص يبحثون عن انتصار حتى لو كان على باطل.
«الحوار» وسيلة تواصل إنسانية راقية يستفاد منها ويتعلم من خلالها وتبحث الحقيقة عبرها، وهي أداة ناجعة لحل المشكلات التي تعترض الإنسان، وأفضل الوسائل لإذابة العوائق وما يعتري النفوس، إلى جانب أنها تعلم الإنسان الصبر إذا ما أراد الحق، وتدرب مسامعه على الاستماع للآخرين بروية وهدوء دون جدال أو انفعال، فالحفاظ على توازن الحديث والبحث عن الحقيقة أحد مقاصد الحوار الثابتة، فالمحاور الجيد لا يبحث عن غلبة بل عن حق.
جهود العرب في تغليب «الحوار» على الخلافات باءت بالفشل بسبب «التحزبات» و«الاتجاهات الفكرية» المختلفة، والتي دفعت نحو الاختلاف أكثر من الاتفاق، وعمقت الهوة، لكن على مستوى عالمي فالجهود الحثيثة نحو أبراز قيمة الحوار متقدمة بعد إنشاء مركز الملك عبدالله العالمي للحوار الذي أثمر عن اتفاق عالمي على أهمية الالتقاء على نقاط الاتفاق أولاً وتأكيد أهمية حوار الأديان لنبذ التطرف والانحياز للرأي والبحث عن الحقيقة، هذا الأمر كانت له أصداء ايجابية ودفع بكثير من الدول لتأكيد أهمية المركز وضرورة عدم ترك المجال للمتعصبين.
في السنوات الأخيرة تنامى الاهتمام بالحوار، وأصبحت المجتمعات المضطربة تدعوا وتحض على «طاولة الحوار»، ورغم ما تعانيه من مشكلات إلا أنها رأت أن هذا الطريق هو الوحيد لتجنب الصدامات وتأزيم الخلاف، وبالتالي فإن هذا الحل يعتبر الأنسب والأكثر قدرة على احتواء أي نزاعات ويمهد لأرضية اتفاق والتقاء، وكثير من العقلاء استطاعوا احتواء مشكلاتهم بحوار هادئ يبحث عن الحق، هذا الأمر أسهم في إيجاد نواة لمجتمع قادر على احتواء وتفهم خلافاته بطريقة حضارية تنم عن خلق وفكر واعي.
يظل الحوار هو قاهر الاختلاف والمشكلات وأداة فعالة تستطيع إزالة العوائق لمن يتفهم أهميته ولديه قدرة على الإلمام بأدواته ومفاهيمه الصحيحة فليس كل حديث يعتبر حوار صحيح.
فهد القثامي
أضف تعليق