التفاصيل المسروقة!

وسائل التواصل الاجتماعي تفرض علينا عالماً مزدحماً بالأفكار والأحداث، وتفرض علينا المشاعر، وتدفعنا للتعايش مع وضع متوتر مشحون.
«تويتر» و«الواتس أب» وسيلتان تسيطر على حياة كثير من الناس، لا يعيشون إلا معها ومطالعة ما فيها من أحاديث، أو أخبار، أو مشاحنات، تسرقهم عن حياتهم الطبيعية، وتدخله في دوامة عالم مزدحم لا يستطيع الخروج منه.
«الضوضاء» التي تحدثها هذه البرامج في عقول كثير من المستخدمين كفيلة بأن تصيبهم بالمرض، والوساوس، والتفكير في كثير من الأمور معظمها لا منطقية، وفضلاً عن أنها تسرقهم من حياتهم الواقعية هي تنهكهم في تأويل الأمور والجدال والأحاديث الكاذبة، فكيف يمكن للإنسان أن يتحمل هذا العالم الافتراضي المليء بالضجيج ولا يصيبه المرض منه فأبرز الأمراض التي أكدتها دراسات طبية تصيب مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي هي «الاكتئاب» و«القلق».
الاهتمام المتنامي لوسائل التواصل الاجتماعي وانشغال الناس بالواقع الافتراضي أصبح يشكل ظاهرة لما يجده المستخدمين من مساحة كبيرة، وعلى رغم أن يجدونه مساحة إيجابية للتواصل في نطاق زمني معين، إلا أن هناك آخرين يرون هذا الواقع فرصة لممارسة حياتهم وفق شخصياتهم الحقيقية، بالتعبير عن وجهات نظرهم السلبية أو ممارسة نقل الإشاعات أو حتى الكذب في الأخبار والصور وغيرها من المعلومات وهؤلاء هم مصدر السلبية التي نتعرض لها خلال استخدامنا لهذه الوسائل.
تعدد خيارات هذه الوسائل، وقدرتها على سرقة الأوقات، تُهدد القدرة على التواصل الواقعي، وبالتالي من المهم أن ينظر المستخدم إلى كمية الوقت المهدر في ذلك، لأن بقاء الانترنت متصل على الأجهزة والتعرض للكثير من الصخب الإلكتروني من شأنه أن يعيق ممارسة الحياة الطبيعية والاستمتاع بالخيارات الحقيقية التي تُرى وتُلمس في الواقع، وهذا يحتم عدم ترك الأبواب مشرعة لكل هذا الصخب والتحكم في كمية ما تتلقاه الأجهزة يومياً ويكون المستخدم أكثر قدرة على ضبط إيقاع ذلك، فالانحياز بشكل كامل للواقع الافتراضي يوقع في تيه لا ينتهي على مستوى المشاعر أو العلاقات، وتتضاءل مع الوقت القدرة على الرجوع إلى الواقع ويصبح المستخدم أسير لواقع افتراضي مملوء بالكثير من الضوضاء، فالتقنية إن لم نتحكم بها تحكمت بنا وبحياتنا.

أضف تعليق